Friday, 20 May 2011

مصرُ بلا كنائس.. ذلك أفضل جداً


فاطمه ناعوت الرائعه كالعادة تكتب

لم تدهشنى كارثةُ إمبابة التى روّعت مصرَ مساءَ أمس. وجعلتها تنام ليلتها باكيةً على عشرة من أبنائها الذين صرعهم أجلافٌ، فى صدورهم غلاظةٌ، وفى أدمغتهم دمويةٌ وخواءٌ، وفى وجوههم لُحىً مشعثةٌ يوهمون بها الناسَ أنهم نُسّاكٌ متدينون، وهم أقصى كائنات الأرض عن الدين وعن معرفة الله.
لم أندهش. بل أقول، ويغمرنى الحَزَنُ، إننى أترقب، مع كل نهار جديد، كارثةً كتلك، وقلبى يلهجُ بالدعاء أن يكذِّب اللهُ حدسى الذى ظل يُنبئنى بأن كارثةً طائفية مقبلة، تتلوها كارثةٌ فكوارثُ، حتى تنهار مصرُ!
أنبأنى حدسى بهذا منذ تقاعست الحكومةُ والمجلسُ العسكرى عن القبض على هادمى كنيسة «صول»، مكتفين، الحكومةُ والجيش، «بتطييب خاطر» الأقباط، على مبدأ «العوض»، بأن أعادوا بناء الكنيسة فى وقت قياسىّ وعلى أجمل ما يكون. 
وهم موقنون أن المسيحىّ بطبيعته المتسامحة ميّالٌ للمغفرة والنسيان، كما يأمره كتابُه وأخلاقُ المسيح والسامرىّ الصالح التى علّمتهم أن غفرانَ الإساءة هو الطريق إلى الله وملكوته. ليلة افتتاح كنيسة صول، بعد إعادة بنائها، كنتُ على الهواء، فى أحد البرامج، وأُجريَتْ مداخلةٌ تليفونية مع الأنبا ثيؤدوسيوس، أسقف الجيزة، الذى سيفتتح الكنيسة بصلاة القيامة اليوم التالى، قدّم الأسقف جزيل الشكر للقوات المسلحة على جهدها الفائق فى إعادة بناء الكنيسة فى اثنين وعشرين يوماً. فسألتُه، وسألته مذيعةُ الحلقة: وماذا عن القبض على الجناة؟ 
فأعاد الأسقفُ شكرَ الله والثناء على الجيش لأن أبناء الحىّ سيتمكنون من إقامة الصلاة غداً فى كنيستهم قائلا إن حزنهم الآن قد تلاشى! 
تدرك الحكومةُ إذن طبيعةَ الأقباط المتسامحة، مثلما تعلم طبيعة البلطجية الدمويةَ المتعطشةَ للخراب!
لكنها، بكل أسف، تستغلُّ، على نحو ردىء، طبيعةَ الفريق الأول، الضحية، وتعمل ألف حساب لطبيعة الفريق الثانى، المجرم، الذى بات أكبر تهديد على أمن مصر! 
تفجيرُ كنيسة وقتل المُصلين قد يستغرق دقائق قليلة، يمكن معها أن يفرّ الجانى، كما حدث بكنيستىْ الإسكندرية فجر هذا العام، ونجع حمادى العام الماضى، إلا أن هدم كنيسة استغرق ٢٢ ساعة، ولدينا جميعاً فيديو يوضح ملامح الجناة، بل وأسماؤهم، إذْ كانوا ينادون على بعضهم البعض وهم يكبّرون «الله أكبر» فيما يقوضون بيت الله بالمعاول! 
فكيف لم يتم القبض عليهم ومعاقبتهم؟ لصالح مَن؟ لصالح مَن تسعى الحكومةُ ورجالُ الدين الإسلامى لإقناع أيمن ديمترى بالتنازل عن حقّه، وحق المجتمع، وحق مصر، فى القصاص ممن بتروا أُذنه؟
الإجابةُ: لصالح خراب مصر، والمزيد من الكوارث وتقتيل الأقباط مع كل نهار! لا ألوم الذئبَ لأنه دموىّ، فتلك طبيعته، لكنْ كيف لا ألوم مَن يتركه يسفك الدماء؟!
فى مظاهرات ماسبيرو كان الأقباط يهتفون: «بالطول، بالعرض، عاوزينها فى نفس الأرض!» يقصدون أنهم لن يقبلوا إلا إعادة بناء الكنيسة المهدمة فى نفس مكانها الأصلى! 
لا حول ولا قوة إلا بالله! قلتُ لنفسى. ما أقلّ شعورهم بحقوقهم، وما أسهلَ إرضاءهم، وما أيسرَ الجَوْر عليهم! لذلك صعدتُ على منصة ماسبيرو وخطبتُ فيهم قائلة إن ما يطلبونه عجيب! «تطلبون كنيسةً؟! 
حسناً سنبنى لكم كنيسة، ثم نهدمها فى اليوم التالى! لأن أسباب الهدم ستظل موجودة مادام ذوو النفوس المريضة طُلقاء يعيثون فى مصرَ خراباً!
لابد أن تطالبوا بسرعة توقيف الجُناة والضرب بيد من حديد على رؤوسهم المريضة، وإقالة المحافظ المتراخى، وتطبيق قانون موحّد لدور العبادة». وبعدما نزلتُ من المنصة سمعتهم يهتفون: «بالطول، بالعرض، عاوزينها فى نفس الأرض»!!!! 
وها هى الحكومةُ والمجلس العسكرى قد لبّوا، مشكورين، مطلبهم، وبنوا الكنيسة، وفرح الأقباط! وها هى كنيسةٌ أخرى حُرقت فى إمبابة، وسوف تتلوها كنيسةٌ وكنائسُ كلَّ يوم وكلَّ ساعة!
وسوف يقبل الأقباطُ الترضيةَ باعتذار شيخ الأزهر وإعادة ترميم الكنيسة، ويفرحون! ثم ينامون ليلتهم منتظرين كنيسة الغد، وبعد الغد. لكِ اللهُ يا مصرُ المحزونةُ بسفك دماء أبنائك على أيدى أبنائك! ويا حكومةُ مصرَ، ثقى بأن التاريخَ لن ينسى لك ما تصنعينه فى التراخى مع هادمى مصر.


مصر دولة مسيحية


بالتأكيد العنوان قد يستفز البعض، وتتعالى الصيحات بداخلهم مطالبة بلعن هذا "الزنديق الذى يدعى أن مصر ليست اسلامية .." إلى آخر الحديث الصاخب الذى قد يصاحب عنوان مقال مثل هذا ..
ولكن فلنخرج خارج الصندوق الذى نحصر انفسنا فيه دوما، ونطلق العنان لأفكارنا وخيالاتنا ... ونحاول ان ننظر للأمور بحيادية ومن اعلى نقطة تخيلية نرى من خلالها مشاكلنا بصورة اكثر شمولية.
فلنتخيل ماذا لو كانت الأمور معكوسة ... والأغلبية فى مصر مسيحية وليست مسلمة ..
يعنى الرئيس السابق حنا مبارك مخلوع وقيد التحقيق معه بسبب مفاسده، وولداه عازر وجرجس مشرفان فى سجن طره ..  بينما تظل زوجته سيلفيا وزوجات اولاده هيلينا راسخ وكريستين الجمال تحت الحراسة فى قصر آل مبارك فى شرم القسيس.
ومن المعروف طبعاً ان مبارك كان ينتوى ان يورث الحكم لولده جرجس فى الإنتخابات القادمة، وذلك قبل قيام ثورة 25 طوبة المجيدة. وذلك بمساعدة القصير المكير أسطيفانوس عز ورجال الحرس القديم الذين نراهم الآن خلف القضبان ... حيث نشهد اليوم تحقيقات ومحاكمات لرجال الحكم والأعمال وعائلاتهم مثل: صاروفيم الشريف وفيلوباتير سرور وزكا عزمى، وايضاً افراد عائلة المتنيح كيرلس الشاذلى ... مع التحقيق فى هروب حزقيال سالم لمعرفة مدى ضلوعة فى قضايا فساد كثيرة، من ضمنها تصدير الغاز لإسرائيل، اللى ستظل عدوه بغض النظر عن ديانة الأغلبية.
بالتأكيد عزيزى القارىء لم يفسد رجال الحكم بسبب كونهم مسلمين، بل لأسباب عديدة كلها تندرج تحت بند الفساد السياسى والإقتصادى وانعدام الرقابة وتأليه الفرعون بمساعدة الإعلام التعبيرى بقيادة اسحق سرايا ، وهذا التأليه هو عادة قديمة من قبل الأديان بقرون عديدة ... يعنى الملة لم تحدد طبيعة الفساد وحجمه، فخيرات البلد تظل مغرية لكل من يمتلك ذرة من الفساد بداخله ولا يجد التربية الملائمة و/او الرقابة الصارمة التى توقفه عند حده وتخليه يراعى ربه فى عمله.
يعنى فى حالة مصر المسيحية، من ناحية الأغلبية وتوجهات الخطاب الدينى فيها .. ستظل البلد مطمعاً للكثيرين ومصدر رزق مباح للفاسدين.
وحينها طبعا ستنقلب الآية وتصبح الجوامع كنائس والكنائس جوامع، من حيث العدد، ومن هنا نبدأ فى تخيل الأوضاع الإجتماعية التى قد تكون فى هذه الحالة ..
يعنى من ناحية تقبل الآخر، فهذه نقطة ضعف مصرية شرقية اصيلة ... فنحن اساتذة فى انتقاء نقاط الخلاف وعدم تقبل اى اختلاف، فكل طرف يدعى انه يمتلك الحقيقة المطلقة وغيره يجب ان يقتنع او يُلقى هو ورأيه فى المزبلة.
ومن ناحية أخرى تنعدم تقريبا الدراية بأن مصرنا العزيزة طول عمرها مهد اديان وحضارات، وهويتها هى مزيج من كل الثقافات التى مرت عليها، وبالتالى يجب ان يتقبل الجميع ان ايدولوجياتهم وعاداتهم هى مزيج من الثقافات "المصرية" المختلفة، ومنها بالطبع المسيحية والإسلامية .. ومالهاش دعوة فيه كام واحد من هنا وكام واحد من هنا.
أما من ناحية مدى "وداعة" و"سماحة" الدين، كما قد يدور فى اذهان البعض الآن قائلين: "المسيحيين مش ممكن يبقوا بالعنف ده" ... فهنا يجب ان نوقن جميعا ان الأديان كلها، السماوية وحتى الأرضية منها، تتسم تعاليمها بالسماحة والوداعة وتحض على الخير والسمو بالسلوك الإنسانى بكافة صوره.
فلا يوجد ديانة تقوم فلسفتها على التدمير والقتل وتكريس احط المشاعر الإنسانية. وإنما نأتى نحن وننتقى ما نريد او نتشدد ... مستندين الى تفسيرات تغيّب عنا بمنتهى الحرفية جوهر الدين، أو نتعصب بقبلية همجية وكأن البلد تسع واحد فقط وليس اكثر بكثير من اتنين.
ومثلما توجد جماعات متطرفة تدعى ان الإسلام مذهبها، فى فهم خاطىء للدين ... فيجب ان نعترف بان الأوضاع لو كانت معكوسة فبالتأكيد سنجد جماعات مسيحية تنادى بتهميش دور المرأة، مستندة الى آيات انجيلية يقال فيها صراحة ان الرجل هو رأس المرأة، متناسين التفسير الأسمى للآية واختصارا لمعناها ... وسنجد من يحرمون "حلالات" كثيرة مستندين الى تفسير مغلوط لآية مثل "كل الأشياء تحل لى ولكن ليس كل الأشياء توافق" ... وتتحول القاعدة التى تقول ان كل شىء حلال حتى يثبت غير ذلك، الى ان كل شىء حرام ومنكر مادامت فيه شبهة ولو بسيطة للتحريم، طبعاً من وجهة نظر رجل الدين.
فى حالة مصر المسيحية سنعطى رجال الدين عقولنا برضه ... فهذه عادتنا التى نستريح جدا عند ممارستها، فاسهل شىء ان نريح دماغنا ونستطلع رأى ابونا القس فى كل امور حياتنا ... وبالتأكيد سنجد عندها رجال دين يستغلون هذا الأمر ويسيطرون على قطيع من الناس مسلوبى العقل والتفكير وينساقون بدون فهم مثل البعير.
كنا بالتأكيد سنجد حالات تغيير ديانة، لكن من فاطمة الى ماريا ... وستخرج مظاهرات "اليسوعيين" لتحيط بمسجد ما يشتبه فى ان فاطمة مخطوفة بداخله، لإجبارها على ان ترجع عن قرارها، وتطالب بإعادة اختنا ماريا التى اختارت بيتر لحياتها شريكا، وسابت عبصبور جوزها الأول وحيدا.
وياسلام لو كانت "فاطنة" دى زوجة شيخ جامع او حتى زاوية ... فهنا لازم نضمها للكنيسة بسرعة، حتى نحقق ثلاث نقاط الفوز فى هذه الجولة، فهذا سيقربنا اكثر لكأس البطولة الدينية ... ومن يفوز بها يبقى هو الحق والباقى كفرة.
اليس معظمنا يفكر بهذه الطريقة يا سادة ؟؟؟
اليس من الممكن ان يكون المحروق والمعتدى عليه ساعتها هو جامع امبابة وليس كنيسة مارمينا ؟؟؟
هل فلول النظام ومثيرو الفتن كانوا سيترفعون عن استخدام اسفين الفرقة لو كانت الأغلبية مسيحية ؟؟؟ بالطبع لا لأن اطماعهم مازالت قائمة ... اذا الفارق سيكون فى تحديد الضحية، وذلك من اجل اثارة الأغلبية، واستغلال عوامل الفقر والجهل الدينى وعدم قبول الآخر عند الكثيرين لتحقيق المصلحة ... وتولع البلد بقى بغض النظر عن ديانتها الغالبة.
لو كانت الأغلبية مسيحية كنت ستقرأ منذ سنوات اخبار مثل: إغتصاب شاب مسلم لفتاة مسيحية ... وليس العكس، لأن شرف البنت له مكانة كبيرة ويثير الأعصاب عند هتكه، يبقى نثير اعصاب مين بقى حتى تتحقق الفتنة؟؟؟ يبقى نبرز احداث الإغتصاب اللى فيها شرف الأغلبية هو اللى فى الوحل حتى تقيد النار ولا يلتفت الشعب لفساد النظام.
وحتى لو كانت البلد كلها مسيحية ... كنت سترى الإعلام التعبيرى يضع عنواناً مثل: شاب بروتوستانتى يغتصب فتاة ارثوذكسية ..
ولو كانت البلد كلها مسلمة سنرى عناوين مثل: شاب سلفى يغتصب فتاة اخوانية ... أو (كما حدث فعلاً) جماعة سلفية تهاجم اضرحة صوفية ..
يا ناس البلد بتاعتنا كلنا ... واللى بيحكمنا كلنا قانون واحد وليس عصبيتنا وقبليتنا.
على النظام تطبيق القانون بحذافيره ولو على البابا شنودة وشيخ الأزهر ذات انفسهما ..
وعلى هواة المقارنات الدينية ان يتلموا بقى والا الأغلبية الوسطية حتقوم تعرى اهدافهم الحقيقية ... من انتم حتى تقيّموا الأديان ومن اى زنجة قذرة اتيتم.
البلد اغلبيتها من النوع المصرى ... فينا الطويل والقصير والتخين والرفيع ... هل لو واحد خس النص تطلع جماعة السُمان تطالب بإستعادته وتسمينه بالعافية حتى يتراجع عن قراره !!!
كفانا مقارنات ومجاملات وافعال صبيانية تؤدى الى فتن كبرى ...
ففى النهاية حتيجى على بلدنا وتتطربق على دماغتنا كلنا.
فادى رمزى